الإمام ناصر محمد اليماني
23 - 10 - 1428 هـ
04 -
11- 2007 مـ
09:29 مساءً
ــــــــــــــــــــ



سؤال المهديّ المنتظَر إلى عُلماء الأمّة وأتباعهم ..

بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين والحمدُ لله ربّ العالمين، وبعد..

يا معشر عُلماء الدين الإسلامي الحنيف وجميع الشعوب الإسلاميّة، إليكم السؤال الذي يعلم إجابته كُلّ مُسلمٍ أو مسلمةٍ وهو: هل أنتم مؤمنون بالقرآن العظيم حديث ربّ العالمين وأنه أصدق الحديث؟ وبلا شكّ إنَّ جوابَكم سوف يكون وكأنه بلسانٍ واحدٍ: كيف لا نؤمن بالقرآن العظيم حديث ربّ العالمين، ومن لم يؤمن به فإنه من الكافرين". ومن ثم أوجّه إليكم سؤالاً آخر فأقول: فهل وعدكم الله بحفظه من التحريف إلى يوم الدِّين؟ وجوابكم بلا شكّ سوف تقولون: "بلى محفوظٌ، تصديقاً لقوله تعالى:
{إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]".

ومن ثم أقول لكم: إذاً يا معشر عُلماء الأمّة وجميع المُسلمين، بالله عليكم لو لم يحفظ الله القرآن من التحريف ومن ثم ضلَلْتم عن الصراط المُستقيم، أليست لكم حُجّة على الله يوم القيامة فتقولون: "تمّ تحريف القرآن العظيم وكثُرَت الأحاديث والروايات ولم نعلمْ أيُّهم الصحيح وأيُّهم الباطل ولذلك ضلَلْنا عن الصراط المستقيم". فإذا صدقتم أنّه تمَّ تحريف القرآن العظيم حقاً فهُنا لن يُنكرَ الله حجّتَكم عليه بأنّه لم يحفظ القرآن من التحريف حتّى ضلَلْتم عن الصراط المستقيم وسوف تقولون وتقسمون بالله جهد أيمانِكم بأنّه لو كان القرآن محفوظاً من التحريف لما تمسّكتم بما خالف القرآن أبداً، ومن ثمّ علم الله بقولكم وحتى لا تكون لكم الحجّة على ربّكم فقد حفظ لكم القرآن العظيم من التحريف إلى يوم الدين، وتوعّدَكم بأنه سوف يسألكم عنه إذا لم تتمسكوا به وتبلِّغوا به. وقال الله تعالى:
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].

إذاً بالله عليكم يا معشر عُلماء الأمّة أن تتدبَّروا هذه الآية جيداً إن كنتم من أولي الألباب، فهل يتذكَّر إلا أولو الألباب؟ وقال الله تعالى:
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [النّساء].

فبالله عليكم يا معشر عُلماء الأمّة أليست هذه الآيات واضحةً وجليّةً ومحكمةً بأنّ الله أخبركم بأنه يوجد طائفةٌ إذا حضروا عند محمد رسول الله يقولون أمامه وأمام الصحابة الحقّ قلباً وقالباً يقولون: "طاعة لله ورسوله"، وذلك حتى يكسبوا ثقة المسلمين، وكذلك يعجب محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بقولهم، ومن ثم أخبركم الله بأنهم يقولون بألسنتِهم ما ليس في قلوبِهم أمام محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأخبركم الله بأنهم إذا خرجوا من عند رسول الله يبيّتون أحاديث غير التي يقولها محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، بمعنى أنهم يمكرون بأحاديثَ ضدّ لحديث الله ورسوله، ولكنهم مُؤخِّرين مكرهم إلى حين وخصوصاً بعد موت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لذلك قال:
{يُبَيِّتُونَ}، ومن ثم يقومون بنشر هذه الأحاديث المُفتراة من بعد رحيل محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بين صفوف المسلمين ليرويها الأجيال للأجيال التي تليها.

إذاً يا معشر عُلماء الأمّة، ما هو الحل للنَّجاة من ذلك المكر الخبيث؟ وأبشِّرُكم أني أعلم الحل والله على ما أقول شهيد ووكيل، وأقسم بالله العلي العظيم ما أتيتُ به من رأسي كاجتهادٍ منِّي بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، بل الله مَنْ علَّمَكُم به في نفس الآيات. وقال الله تعالى:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم.

فلربّما يريد مُقاطعتي أحدُ فطاحلةِ عُلماءِ المُسلمين من الذين يقولون على الله بالظنّ الذي لا يُغني من الحقِّ شيئاً فيقول لي: "مهلاً مهلاً يا من تزعم أنّك المهديّ المنتظَر لقد أخطأتَ بتأويلِك لهذه الآية في قوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم، فإنما يقصد الكُفار بهذا القرآن بأن يتدبَّروا القرآن وأنّ القرآن لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً". ومن ثمّ أردّ عليه بالحقّ فأقول: حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ من نفس حديث الله بأنّ الله لا يخاطب في هذه الآيات الكُفار بالقرآن بل يُخاطب المسلمين المؤمنين بهذا القرآن العظيم، والحمدُ لله الذي جعل الموضوع مُتَّصلاً في آيةٍ واحدةٍ للبيان والتّوضيح حتى لا يَزيغ عنها إلا هالكٌ ظالمٌ لنفسه ويريد أن يجادل بالباطل ليدحضَ به الحقّ، ولسوف أدعو جميع المسلمين العرب؛ أي كُلَّ ذي لسانٍ عربيٍ مبينٍ وهم ليسوا علماء فأقول لهم: بالله عليكم احكموا بيني وبين عُلماء الأمّة المنكرين لدعوتي للرجوع إلى المرجعيّة الحقّ للدين الإسلامي الحنيف. ومن ثم يخاطبونني فيقولون: "يا ناصر اليماني ولكنّنا لسنا من علماء الدين حتى نَحْكُمَ بينك وبين علماء الأمّة". ومن ثمّ أردّ عليهم فأقول: إنّا لا نحتاج في هذه الآية لعالم فقهٍ بل نحتاج لإنسانٍ عربّي وذي لسانٍ عربّيٍ يفهم إذا أحدٌ خاطبه باللُّغة العربيَّة، ومن ثم يقول هذا العربّي: "إذا كان الأمر كذلك فأنا عربّيٌ وأفهم حديث من خاطبني بلغتي العربيَّة فما هي الآية؟". ومن ثم أقول له: هي قول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [النّساء].

وإليكم جواب كُلِّ ذي لسانٍ عربيٍّ مبينٍ فسوف يقول: "يا إخواني إنّ الموضوع واضحٌ يخبرنا الله فيه بأنّ هُناك طائفتان يحضرون إلى مجلس محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- إحداهما طالبو علمٍ مؤمنون والطائفة الأخرى يؤمنون ظاهر الأمر ويخرجون بالكفر كما دخلوا به ومن ثم يُبيِّتون أحاديث غير التي يقولها محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن ثمّ نرى في كلمات الآية الجليّة بأنّ الله أمر رسوله أن لا يطردهم وذلك واضحٌ في كلمات الآية في قوله:
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا}، بمعنى أنّهم استمروا في مرافقة رسول الله وصحابته والحضور إلى مجلسه حينما يشاءون، ولم يقُم محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بطردهم، والحكمة من ذلك ليتبيَّن مَنْ الذي يتّبع القرآن ويُصدِّق حديث الله أصدق الحديث ممن ينبذ القرآن وراء ظهره فيتّبع ما خالف حديث الله، ونرى بأنّ الله قد أفتى المؤمنين بهذا القرآن بأنَّ عليهم الرجوع إلى القرآن فيما اختلفوا فيه من الأحاديث التي قالها محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأنّها إذا كانت هذه الأحاديث من عند غير الله ورسوله فسوف يجد المُتدبِّرون لحديث القرآن بأنّ بينه وبين هذا الحديث المُفترى اختلافاً كثيراً".
انتهى حكم ذي اللسانِ العربيِّ المبين.

ويا معشر جميع علماء المُسلمين إنِّي أوجهُ إليكم سؤالاً آخر: لماذا سوف يعذّب الله جميع قُرى العالمين بما فيها قُرى المُسلمين بعذابٍ أليمٍ فيجعل هذا العذاب آيةَ التصديق للمهديّ المنتظَر قبل يوم القيامة؟ وقال الله تعالى:
{وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴿٥٨﴾وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَاۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].

ولربّما يُقاطعني أحد فطاحلة علماء المُسلمين فيقول: "إنَّما يقصد قُرى ما قبل مبعث رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- كمثل قُرى قومِ نوحٍ التي أغرقها، وكذلك قُرى عادٍ التي أهلكها بالريح العقيم، وكذلك قُرى ثمود التي أهلكها بالرجفة، وكذلك قُرى قوم لوط وإبراهيم، وكذلك قوم شعيب، وكذلك دأب آل فرعون، فإنَّما يقصد القرى الأولى التي كذّبت برسلهم". ومن ثم نردّ عليه: إنك بتأويلك هذا قد نلت غضبَ الله وعدم مرضاته عليك لأنّ الله لا يقصد في هذه الآية القرى الأولى وإنما يدعوهم ليمشوا في الأرض لينظروا كيف فعل الله بالمكذِّبين الذين كذّبوا رسلهم من قبل؛ إذاً تكلَّم عن القُرى الأولى، أمّا هذا العذاب الموعود الذي سوف يشمل جميع قرى العالمين وذلك لأنَّ محمداً رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- رسولٌ إلى العالمين أجمعين، والقرآن رسالةٌ شاملةٌ للناس كافّة إذا كذَّبوا به فلا بُدّ أن يُرسِل الله العذاب على جميع قرى الكرة الأرضيّة.

إذاً، يا قوم لقد علمتُ من خلال هذه الآية الجليّة الواضحة البيِّنة أنّكم سوف تكذّبون بمهديِّكم الحقّ حين يأتيكم ليدعوكم إلى الرجوع إلى كتاب الله القرآن العظيم فيما اختلفتم فيه من أحاديث السُّنة فإذا أنتم عنه مُعرِضون، ومن ثم يجعل اللهُ له آيةً كُبرى فهل تدرون ما هي؟ إنّها آيةُ عذابٍ أليمٍ، فهل تدرون لماذا؟ برغم أنّ المهديّ المنتظَر لم يكن نبيّاً ولا رسولاً، فلماذا سوف يعذِّبكم الله يا معشر المسلمين مع الكفار بهذا القرآن العظيم؟ وذلك لأنكم أعرضتم عن المهديّ المنتظَر الذي يدعوكم للاحتكام إلى القرآن العظيم. إذاً، من أعرض عن المهديّ المنتظَر الحقّ فقد أعرض عن القرآن العظيم ولسوف يناله الله بعذابٍ عقيمٍ.

ويا أوليائي بلِّغوا المسلمين عني والنّاس أجمعين معذرةً إلى ربّكم ولعلهم يتقون.

والسلام على من اتَّبع الهادي إلى الصراط ـــــــــــ المُستقيم..
الإمامُ المهديّ المنتظر؛ النّاصر لمحمدٍ رسولِ الله والقرآن العظيم؛ ناصر محمد اليماني.
_____________

[ لقراءة البيان من الموسوعة ]